للخطباء خاطرة من مؤتمر عرفات (2)

أحبتي الكرام:

ذكرت لكم في خاطرتي الأولى، قصة اليهودي مع سيدنا عمر رضي الله عنه، وانبهاره بيوم عرفة، وإذا أردت أن أتساءل معكم: لماذا أخذ يوم عرفة كل هذا الحيز من التفكير عند هذا اليهودي؟؟؟!!!

ولماذا لو كان عندهم لجعلوه عيدا..هذا ما سنبينه في هذه الخاطرة.

قال اليهودي: يا أمير المؤمنين، إنكم تقرءون آية في كتابكم، لو علينا معشر اليهود
نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: وأي آية؟ قال قوله:

((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي))

فقال عمر:"والله إني أعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزلت عَشية عَرَفَة في يوم جمعة".

إذن يوم عرفة يوم عظيم، يوم أمة الإسلام، يوم وحدتهم وعزتهم وكرامتهم، يومٌ إذا نسوْا أنفسَهم، منْ هم؟؟ ذكَّرهم. يوم إذا غفلوا عن أعدائهم ذكَّرهم، يوم إذا تخلوا عن مبادئهم ذكَّرهم...

أيها الأحباب:
يوم عرفة، مؤتمر دعا الله تعالى إليه، مؤتمر عام وشامل، يجتمع فيه المسلمون من كافة بقاع الأرض.

لقد هتف الإسلام لاجتماع سنوي حدد زمانه ومكانه، وتمر الأيام والسنون والقرون، ويأتي - بما يسمى - العالم المتحضر، فلا يجدون بُدًّا من أن يستوحوا من تعاليم الإسلام، فقررت أممهم إنشاء وإقامة مؤتمرات سنوية، وشهرية وأسبوعية..محلية وعالمية..

مكان مؤتمر عرفات، مهبط الوحي، والأراضي التي درج عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتلقى فيها رسالة الله.

إذن الإسلام هو أول دين، وأول نظام، دعا إلى عقد المؤتمرات وعني بتنظيمها:

- دعا إلى ذلك في كل قرية ومدينة وحي في اليوم والليلة خمس مرات..الصلوات الخمس.

- دعا إلى عقد مؤتمرات أسبوعة إجبارية ......صلاة الجمعة.

- دعا إلى اجتماع عام في السنة مرتين ... ..........صلاة العيدين

- دعا إلى اجتماع عام وشامل حدد فيه الزمان والمكان ...الوقوف بعرفة

أتدرون لماذا كل هذه المؤتمرات؟؟ التي هي فرائض وعبادات، وأركان للإسلام؟؟

كل هذا من أجل أن يلفت الله انتباهنا، إلى أننا أمة واحدة، مهما تفرقنا، ومهما تخاصمنا، ومهما تباعدنا، نحن أمة واحدة...

صحيح أننا نتخاصم، صحيح أننا نتباعد، صحيح أننا نتفرق، صحيح أن الأمة، يمر عليها فترات كما هو الآن، في حالة من التشرذم والتمزق والتفرق، لكن في النهاية، لا بد أن نجتمع..

فنحن أمة، لا نستطيع أن نعيش في هذا المجتمع الإنساني، كأفراد، كل ينطوي على نفسه، فنحن لا ينفع أن نعيش أفرادا، مصيرنا وقدرنا، ونِعْمَ هذه القدر، أن نعيش أمة واحدة...كما أراد الله لنا..

أيها الأحباب:

إن يوم عرفة، يوم يدل على عظمة الله!!!!!!!

قل لي بربك: أي قدرة، وأية عظمة، تستطيع أن تجمع هذا الكم الهائل من البشر، في يوم واحد، ومكان واحد، وعلى قلب واحد، وهدف واحد.

أفلم يحن الوقت.........أن ندرك مقصد يوم عرفات؟؟؟!!!

أفلم يحن الوقت........أن نأخذ الدروس والعظات والعبر من عرفات؟؟؟!!!

أفلم يحن الوقت........أن نقرأ الإسلام من جديد؟؟؟!!!